أين الرجولة ؟!
بقلم : هيام محي الدين
تقاس الرجولة في مجتمعنا العربي الإسلامي بمدى قدرة الإنسان رجلاً كان أو امرأة على رعاية الآخر وحمايته ومدى تمسك الشخص بمكارم الأخلاق التى بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتممها فقال : إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق وقال صلوات الله عليه ” أقربكم إلىّ مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون ”
تقاس الرجولة في مجتمعنا العربي الإسلامي بمدى قدرة الإنسان رجلاً كان أو امرأة على رعاية الآخر وحمايته ومدى تمسك الشخص بمكارم الأخلاق التى بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتممها فقال : إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق وقال صلوات الله عليه ” أقربكم إلىّ مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون ” فكلما تعامل الإنسان بمسئولية عن رعاية الآخر أيا كان هذا الآخر في إطار من الأخلاق السامية كان أكثر رجولة واتصف بما نقول عنه إن فلانا رجل بحق أو فلانة تتعامل بأخلاقيات وسلوكيات الرجولة
وقد عاش مجتمعنا متمسكا بهذه القيم الرفيعة قرونا حتى حدث التفسخ المخيف في قيم المجتمع وأخلاقياته وأصيب الرجال بالبلادة واللا مبالاة وأصبحت حماية الآخر ورعايته والدفاع عن المظلوم والضعيف صفحة مطوية من صفحات التاريخ ، وسادت ظاهرة شديدة الخطورة على قيم المجتمع وأخلاقياته تمثلت في التحرش بالنساء والفتيات علنا وفي أماكن عامة تكتظ بالبشر وفي رائعة النهار بالألفاظ المنحطة والتعليقات الجارحة وأحياناً السباب البذئ بل تعدي الأمر لهتك الأعراض باللمس والتعرية والاحتكاك القمئ بالنساء في أماكن الزحام ووسائل المواصلات ، ومنذ عقود قليلة كانت هذه الأفعال تواجه برادع مجتمعي رجولي سواء من الرجال أو من النساء فيحمون المتحرش بها ويدافعون عنها ويلقون الجاني درساً لا يعود إلى فعلته بعده أبدا ، ولكننا اليوم ننظر ببلادة ولا مبالاة تشجع هؤلاء المرضى على الانسياق والتمادي في هذا الفعل المثير للاشمئزاز وهم آمنون من رادع الرجولة الذي كان يمنعهم عن هذه الأفعال.
لقد كانت رؤية امرأة تصفع أو تضرب بحقيبتها ذكرا تحرش بها تثير عليه كل الموجودين من رجال ونساء دون أن يسألوا عما فعل ، واليوم يسير كل في طريقه تاركاً الضحية لمصيرها وينسى الجميع أخلاق الرجولة التي تجعل الإنسان يرى في المتحرش بها ابنته أو زوجته أو أخته أو أمه فيدافع عنها حتى لا تشيع هذه الفاحشة في الناس وتطول أهله وأعزاءه فالرجولة الحقة هي منع الفاحشة أيا كان من ترتكب في حقه وأيا كان من يرتكبها ومطاردة الجاني وحماية المجني عليه ويمارسها الرجال كما تمارسها النساء فالرجولة سلوك وليست جنساً فإن انعدمت رجولة الذكور يمكن أن تعوضها رجولة الإناث ، ولكن التطرف المظهري الذي ساد الفكر الديني في السنوات الأخيرة أصبح يرى في إطلاق اللحية وتقصير الجلباب وستر المرأة بالنقاب والحجاب كل أخلاقيات ومبادئ وتعاليم الدين ، وأهمل هذا الفكر رعاية الآخر وحمايته والتمسك بمكارم الأخلاق سلوكاً لا شكلاً ، بل أعطى لنفسه سلطة التدخل في حرية الآخرين ومنعهم مما يراه خطأ وينسى التدخل لنصرة الضعيف أو المظلوم ، بل وأحياناً يحل التحرش بحجة أن النساء المتحرش بهن قد قاموا بإغواء الرجال بزي أو بسلوك دفعهم إلى التحرش وينسون أن أوامر الدين تشمل الجميع ذكورا وإناثاً وأن مخالفة العاصي لا تدفع الآخر للعصيان وأن من يُسرق لا يَسرق ومن يخرج عن القيم الأخلاقية لا يبيح للآخرين الخروج عليها ، فإذا قامت امرأة فرضاً بفعل إغوائي فإن استجابة ذكر لهذا الإغواء مؤثمة بنفس الدرجة وأن المرأة بحكم تكوينها تكون دائما الجانب المجني عليه في هذا الفعل فلو قامت بالإغواء لوافقت على التحرش ولكن رفضها للتحرش في حد ذاته دليل على عدم قصدها للإغواء ، وتأكيد لحقها في الحماية والرعاية وأن تمارس أخلاقيات الرجولة والشهامة في نُصرتها والدفاع عنها.
إنني أخاطب هنا شهامة الرجل المصري ، وتضافر وشجاعة المرأة المصرية لكي نقف جميعاً صفاً واحداً موحداً ضد هذه الظاهرة ، فقد اتخذت هذه الظاهرة الشاذة أبعاداً شديدة الخطورة في الأسابيع الأخيرة حتى نسبت إلى جماعات سياسية تستخدمها لإرهاب المتظاهرات ومنعهن من التظاهر والمطالبة بتحقيق أهداف الثورة وأحلام الأمة وتهميش دور المرأة وإعادتها إلى عصر الحريم ، ومثل هذه الأفكار يمكن أن تمزق الأمة وتدفعها إلى حرب أهلية طاحنة ومدمرة ، والحقيقة أن المتحرش الذكر نوع من المرضى النفسيين والجانحين اجتماعياً وسلوكياً ينبغي إخضاعه لنوع ممنهج من التوعية الأخلاقية والسلوكية والدينية والوطنية يضع نصب عينيه الوصول إلى مستوى من التوازن النفسي والالتزام بقيم وأخلاقيات الدين دون الاحتجاج بأخطاء الآخرين لتبرير أخطائنا وصدق أمير الشعراء حين قال
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا
هيام محى الدين
لمشاهدة الموضوع الأصلي إضغط هنا
بقلم : هيام محي الدين
تقاس الرجولة في مجتمعنا العربي الإسلامي بمدى قدرة الإنسان رجلاً كان أو امرأة على رعاية الآخر وحمايته ومدى تمسك الشخص بمكارم الأخلاق التى بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتممها فقال : إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق وقال صلوات الله عليه ” أقربكم إلىّ مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون ”
تقاس الرجولة في مجتمعنا العربي الإسلامي بمدى قدرة الإنسان رجلاً كان أو امرأة على رعاية الآخر وحمايته ومدى تمسك الشخص بمكارم الأخلاق التى بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتممها فقال : إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق وقال صلوات الله عليه ” أقربكم إلىّ مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون ” فكلما تعامل الإنسان بمسئولية عن رعاية الآخر أيا كان هذا الآخر في إطار من الأخلاق السامية كان أكثر رجولة واتصف بما نقول عنه إن فلانا رجل بحق أو فلانة تتعامل بأخلاقيات وسلوكيات الرجولة
وقد عاش مجتمعنا متمسكا بهذه القيم الرفيعة قرونا حتى حدث التفسخ المخيف في قيم المجتمع وأخلاقياته وأصيب الرجال بالبلادة واللا مبالاة وأصبحت حماية الآخر ورعايته والدفاع عن المظلوم والضعيف صفحة مطوية من صفحات التاريخ ، وسادت ظاهرة شديدة الخطورة على قيم المجتمع وأخلاقياته تمثلت في التحرش بالنساء والفتيات علنا وفي أماكن عامة تكتظ بالبشر وفي رائعة النهار بالألفاظ المنحطة والتعليقات الجارحة وأحياناً السباب البذئ بل تعدي الأمر لهتك الأعراض باللمس والتعرية والاحتكاك القمئ بالنساء في أماكن الزحام ووسائل المواصلات ، ومنذ عقود قليلة كانت هذه الأفعال تواجه برادع مجتمعي رجولي سواء من الرجال أو من النساء فيحمون المتحرش بها ويدافعون عنها ويلقون الجاني درساً لا يعود إلى فعلته بعده أبدا ، ولكننا اليوم ننظر ببلادة ولا مبالاة تشجع هؤلاء المرضى على الانسياق والتمادي في هذا الفعل المثير للاشمئزاز وهم آمنون من رادع الرجولة الذي كان يمنعهم عن هذه الأفعال.
لقد كانت رؤية امرأة تصفع أو تضرب بحقيبتها ذكرا تحرش بها تثير عليه كل الموجودين من رجال ونساء دون أن يسألوا عما فعل ، واليوم يسير كل في طريقه تاركاً الضحية لمصيرها وينسى الجميع أخلاق الرجولة التي تجعل الإنسان يرى في المتحرش بها ابنته أو زوجته أو أخته أو أمه فيدافع عنها حتى لا تشيع هذه الفاحشة في الناس وتطول أهله وأعزاءه فالرجولة الحقة هي منع الفاحشة أيا كان من ترتكب في حقه وأيا كان من يرتكبها ومطاردة الجاني وحماية المجني عليه ويمارسها الرجال كما تمارسها النساء فالرجولة سلوك وليست جنساً فإن انعدمت رجولة الذكور يمكن أن تعوضها رجولة الإناث ، ولكن التطرف المظهري الذي ساد الفكر الديني في السنوات الأخيرة أصبح يرى في إطلاق اللحية وتقصير الجلباب وستر المرأة بالنقاب والحجاب كل أخلاقيات ومبادئ وتعاليم الدين ، وأهمل هذا الفكر رعاية الآخر وحمايته والتمسك بمكارم الأخلاق سلوكاً لا شكلاً ، بل أعطى لنفسه سلطة التدخل في حرية الآخرين ومنعهم مما يراه خطأ وينسى التدخل لنصرة الضعيف أو المظلوم ، بل وأحياناً يحل التحرش بحجة أن النساء المتحرش بهن قد قاموا بإغواء الرجال بزي أو بسلوك دفعهم إلى التحرش وينسون أن أوامر الدين تشمل الجميع ذكورا وإناثاً وأن مخالفة العاصي لا تدفع الآخر للعصيان وأن من يُسرق لا يَسرق ومن يخرج عن القيم الأخلاقية لا يبيح للآخرين الخروج عليها ، فإذا قامت امرأة فرضاً بفعل إغوائي فإن استجابة ذكر لهذا الإغواء مؤثمة بنفس الدرجة وأن المرأة بحكم تكوينها تكون دائما الجانب المجني عليه في هذا الفعل فلو قامت بالإغواء لوافقت على التحرش ولكن رفضها للتحرش في حد ذاته دليل على عدم قصدها للإغواء ، وتأكيد لحقها في الحماية والرعاية وأن تمارس أخلاقيات الرجولة والشهامة في نُصرتها والدفاع عنها.
إنني أخاطب هنا شهامة الرجل المصري ، وتضافر وشجاعة المرأة المصرية لكي نقف جميعاً صفاً واحداً موحداً ضد هذه الظاهرة ، فقد اتخذت هذه الظاهرة الشاذة أبعاداً شديدة الخطورة في الأسابيع الأخيرة حتى نسبت إلى جماعات سياسية تستخدمها لإرهاب المتظاهرات ومنعهن من التظاهر والمطالبة بتحقيق أهداف الثورة وأحلام الأمة وتهميش دور المرأة وإعادتها إلى عصر الحريم ، ومثل هذه الأفكار يمكن أن تمزق الأمة وتدفعها إلى حرب أهلية طاحنة ومدمرة ، والحقيقة أن المتحرش الذكر نوع من المرضى النفسيين والجانحين اجتماعياً وسلوكياً ينبغي إخضاعه لنوع ممنهج من التوعية الأخلاقية والسلوكية والدينية والوطنية يضع نصب عينيه الوصول إلى مستوى من التوازن النفسي والالتزام بقيم وأخلاقيات الدين دون الاحتجاج بأخطاء الآخرين لتبرير أخطائنا وصدق أمير الشعراء حين قال
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا
هيام محى الدين
المصدر: موقع ومنتديات المفتاح
frgl : idhl lpd hg]dk - Hdk hgv[,gm ?!
لمشاهدة الموضوع الأصلي إضغط هنا