Qamar Sabri Aljassem
مقطع من قصتي (عولمة )
... أصعد إلى السطح , أطلب من أختي أن تراقب لي الصورة مبشراً إياها أنها لن تقلق على أمي عندما تتركها وحيدة و تذهب لإنجاز بعض مهامها العالقة بعد الآن ,و نحن نعمل على أنغام صوت أمي الغاضب أبداً, الصارخ و المحتجّ خاصةً بعد أن شرحت لها أختي ما نقوم بفعله :
- هذا اسمه "المفسديون" , الله لا يشبعكم.. إنهم يرسلون لنا ما يلهينا لكي يخططوا على مهل لاغتصاب أراضينا , أفيقوا من غفلتكم يا سكارى.
أنزل , أقلّب في القنوات باستعمال جهاز التحكم " الريمون" كما تسميه, و هي ما تزال تستنكر ما أفعل , و كعادتي أقنعها , و الحق يقال أن أمي تؤمن بالحوار و إطلاق الأحكام بعد التجربة .
و على عكس ما توقّعت , ازداد سخطها , صار شغلي الشاغل هو مسح شاشة التلفاز من كثرة ما تبصق عليها و هي تحدثني :
- لقد أحضرت لي ما يدخلني إلى النار , أجارنا الله منها , و ما يحيرني ,ألا تستحي الفتيات من أنفسهن و هن تلبسن هكذا خاصة أنهن عربيات, و الله أستحي أن ألبس ما تلبسن في الحمام .
- لا يا أمي . أوضح لها , هذه مسلسلات مكسيكية مدبلجة .
تتابع و وجهها يفيض دماً :
- أليسوا عرباً , إنهم يتحدثون العربية , و أفضل مني و منك . لعنهم الله , اللعنة لا تجوز إلا على إبليس .
و تعدّ لي ثيابها .. الشرعي و الكم و النصف كم ... متابعةً :
- الممرضة ضحكت من كثرة ثيابي عندما أرادت أن تسحب لي دماً من أجل التحاليل .
على كل الأحوال فإن وضع أمي أفضل بكثير من جارتنا التي زفت البشرى لجميع أهالي الحي أن ابنها ذو الإثني عشر ربيعاً,يتحدث المكسيكية و بإتقان حيث قال لها عندما أيقظته بإلحاح للذهاب إلى المدرسة :
- أنتِ ساقطة يا أمي .
المهم أنني وضعت نفسي في مشكلةٍ جديدة , و لكي لا أثبت فشلي , أردت أن أداويها بالتي كانت هي الداء , كما يقولون .
أتفق مع مهندسٍ للإلكترونيات لكي يركّب للتلفاز جهازاً للأقمار الصناعية" ديجيتال" . يأتي المهندس و يبدأ بالعمل و أمي تبدأ بأسئلتها و استفساراتها كالعادة و المهندس يجيب بكل رحابة صدرٍ موجهاً نظره نحو الأجهزة .
الآن أعرف مغزى ما تقوله لنا دائما أن أبي رحمه الله كان يقول عنها أنها متحدثة لبقةً , معه كل الحق .
يقول لها بعد أن تقدم له القهوة :
- شكراً يا حاجة , حاجة أليس كذلك ؟
تجيبه :
- الحمد لله خمس مرات , ألله يرضى عليها ابنتي في السعودية و على زوجها , كنت كلما ذهبت إليهم لحضور ولادتها أحج , و عملت أكثر من عشر عمر و كلها في رمضان ,و عمرة في رمضان كحجة معي .
أقول :
- يا أمي لا دخل لك أنت , عمرة في رمضان كحجة مع الرسول "ص" ولا تعادل حجة معك, يجب أن تقولي , عن الرسول "ص" أنه قال وتتابعين.
تقول :
- عليه الصلاة و السلام ,هذا ما كنت أقصده , الله يأخذ بالنيات.
أوجه حديثي نحو المهندس :
- و أنا أيضاً ذهبت إلى العمرة عندما كنت أعمل عند أبو عبدو الجزار, بإمكانك أن تقول لي يا عمري .
تتابع أمي :
- إنه يُذهب الهم عن القلب , دعك منه ,ألست معي أنهم يرسلون لنا التلاهي ؟ .
يجيب مختصراً:
- فعلاً يا حاجة ما تقولينه صحيح , لكننا نحن الذين نأخذ من التطور الاتجاه المعاكس .
أحاول أن أرطب الجو كعادتي و بين الضحك و الجد أتابع النقاش الدائر :
- لكننا لا و لم نسكت لهم أبداً .
ينظر إليّ المهندس , و أمي ... أتابع قبل أن يسترسلا بالحلم :
- قصدي إنهم كلما اخترعوا دبابةً يظهر لدينا مطرب جديد ,و كلما اخترعوا صاروخاً ,تظهر لدينا راقصة,و قس على هذا المنوال ...
يضحك المهندس من كل قلبه و أمي تعلق :
- أنت ابني بصحيح .
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
قمر صبري الجاسم
لمشاهدة الموضوع الأصلي إضغط هنا
المصدر: RSS الحوت السوري
rlv wfvd hg[hsl - lr'u lk rwjd (u,glm )