Saadeh Odeh
نشر فيالورشة الثقافية
قصـــة للمســـاء
كما قال الإله إيل
الناموس الخامس عشر
سعادة أبو عراقش
كالأسماك ، يهيم الفلسطينيون في بحر محيط ، يسبحون في فضاء لا أبعاد له ، لا تقودهم غرائزهم للاستئثار بشيء حيدٍ يغدو ملكهم ، فهم لا يمنعون أحدا أن يتجاوز عليهم حدودهم ، بل يستغربون أن يمنع أحد عليهم حدوده ، إنهم يعجبون من هؤلاء العبرانيين الذين يخفون تحركاتهم ، ويحرصون على السرية والكتمان، فمم يخافون ؟ ألا يعلمون أن للضيف حقوقا ... ! وأن السماحة تبرئ المخطئين ولو أخطأوا ، وتطفئ الشحناء التي تثور في النفس ، وتبطل كل تحريض على البغضاء.
في هذا الفضاء من الفردوس ، يبدي اليهويون استفزازا ملحوظا للفلسطينيين ، أذ يحملون ثورا ذهبيا لامعا يسيرون خلفه شاهري السلاح ، أو يتحلقون حوله منشدين بترنيمة حرب كأنها صلاة :
ربنا رب الجنود لا قلب ينبض في الضلوع
ربنا رب الجنود لا رحمة نملك أو حنان
ربنا رب الجنود نزداد كرها للبشر
يهزجون بترنيمتهم ، ويمارسون طقوسهم التي تشحذ فيهم القسوة والوحشية ،فيمثلون بكلب أو يحرقون خنزيرا ، حتى يجأر بصراخه المستغيث ، يحاولون أن لا تستيقظ عواطفهم ، بل يكرهونها على ذلك حتى تعتاد ، فيهتاج الفلسطينيون تقززا ، حين يرونهم _ وهم يمرون يهم _، أما إذا ما أحضروا قردا صغيرا لا يختلف عن صغير الإنسان ، ويذبحونه ، يصير هياج الفلسطينيين عظيما ، فيتقدمون منهم ، كأنهم ينتصرون للقرد الصغير ، كانت ثورتهم ردة فعل فطرية ، لكن وهجها كان لاهبا ، لفح جموع اليهويين ، أو العبرانيين ، فانهزموا من فورهم ، فلحقهم الفلسطينيون ما وسعهم الجري ، ثم تركوهم لفرارهم يستسلمون .
أدرك العبرانيون أن كرههم الذي يكنونه للبشر وللفلسطينيين ، ليس كافيا ، وليس فعالا كما يجب ، إنهم يزدادون تراجعا ، وكلما ازدادوا تراجعا في المعارك أصبحوا يتساءلون بإلحاح ؛(لماذا نكره الآخرين؟) فلا يجدون جوابا،بل يتساءلون أيضا (هل نحن حقا خلقا متميزا وغيرنا بشر غير مكتمل ؟)
لاحظ حكيمهم ذلك فانتصب فيهم خطيبا :
’’ أيها اليهويون ، هاجموا غيركم وافترسوهم ، كما يفترس الأسد الحمار ، وكما الذئب يفترس النعجة ، وكما يفترس القط الفأر ، أتعلمون لماذا يملك هؤلاء قوة الافتراس ؟ لأنهم يشعرون بتميزهم وتفوقهم ، وأنهم خلق آخر غير الضعفاء الذين يُفتَرَسون ‘‘
لا يعلم الفلسطينيون كيف وجدوا أنفسهم في معمعان من المعارك لم يألفوها ، لا تأذن لهم ضمائرهم بقتل أعداء من البشر العبرانيين ، بل يذودون بأجسامهم العملاقة سفاهات العبرانيين ، كما يذودون أغنامهم عن الحياض ، إنهم فيض من الإزعاج ، يشتكون إلى الإله إيل هذا العناء المستديم، كما يشتكي اليهويون إلى يهوه ، سلاح الكره الذي ما عاد مجديا .
سمعهم الإله يهوه كما سمعهم الإله إيل ، فقال الإله يهوه للإله إيل : ما قولك في أن نجمعهم سويا ، ونؤلف بين قلوبهم ؟ فقال الإله إيل لا بأس ،فقال الإله يهوه : نجمعهم ونجعلهم يتكلمون لغة واحدة ، فذلك أجدى لتفاهمهم .
وهكذا اجتمعوا ،تلبية لأمر الآلهة ، وقفوا منصتين ، يصغون بكل حواسهم ، والإله إيل ، يفرغ ما في وجدانهم من لغات ، وينفث الإله يهوه في روعهم لغة واحدة مشتركة لكنه يضيف :
’’ لكن لا يفقهن أحدكم قول الآخر ‘‘
غضب الإله إيل إذ أحس بالخدعة ، أطرق قليلا ثم ابتسم ونادى .
- أيها الفلسطينيون ، أيها العبرانيون ، ها أنتم قد وجدتم حافزا آخر للحرب , فالحرب لا تنشأ إلا حين يُفتَقَدُ التفاهم .
لمشاهدة الموضوع الأصلي إضغط هنا
نشر فيالورشة الثقافية
قصـــة للمســـاء
كما قال الإله إيل
الناموس الخامس عشر
سعادة أبو عراقش
كالأسماك ، يهيم الفلسطينيون في بحر محيط ، يسبحون في فضاء لا أبعاد له ، لا تقودهم غرائزهم للاستئثار بشيء حيدٍ يغدو ملكهم ، فهم لا يمنعون أحدا أن يتجاوز عليهم حدودهم ، بل يستغربون أن يمنع أحد عليهم حدوده ، إنهم يعجبون من هؤلاء العبرانيين الذين يخفون تحركاتهم ، ويحرصون على السرية والكتمان، فمم يخافون ؟ ألا يعلمون أن للضيف حقوقا ... ! وأن السماحة تبرئ المخطئين ولو أخطأوا ، وتطفئ الشحناء التي تثور في النفس ، وتبطل كل تحريض على البغضاء.
في هذا الفضاء من الفردوس ، يبدي اليهويون استفزازا ملحوظا للفلسطينيين ، أذ يحملون ثورا ذهبيا لامعا يسيرون خلفه شاهري السلاح ، أو يتحلقون حوله منشدين بترنيمة حرب كأنها صلاة :
ربنا رب الجنود لا قلب ينبض في الضلوع
ربنا رب الجنود لا رحمة نملك أو حنان
ربنا رب الجنود نزداد كرها للبشر
يهزجون بترنيمتهم ، ويمارسون طقوسهم التي تشحذ فيهم القسوة والوحشية ،فيمثلون بكلب أو يحرقون خنزيرا ، حتى يجأر بصراخه المستغيث ، يحاولون أن لا تستيقظ عواطفهم ، بل يكرهونها على ذلك حتى تعتاد ، فيهتاج الفلسطينيون تقززا ، حين يرونهم _ وهم يمرون يهم _، أما إذا ما أحضروا قردا صغيرا لا يختلف عن صغير الإنسان ، ويذبحونه ، يصير هياج الفلسطينيين عظيما ، فيتقدمون منهم ، كأنهم ينتصرون للقرد الصغير ، كانت ثورتهم ردة فعل فطرية ، لكن وهجها كان لاهبا ، لفح جموع اليهويين ، أو العبرانيين ، فانهزموا من فورهم ، فلحقهم الفلسطينيون ما وسعهم الجري ، ثم تركوهم لفرارهم يستسلمون .
أدرك العبرانيون أن كرههم الذي يكنونه للبشر وللفلسطينيين ، ليس كافيا ، وليس فعالا كما يجب ، إنهم يزدادون تراجعا ، وكلما ازدادوا تراجعا في المعارك أصبحوا يتساءلون بإلحاح ؛(لماذا نكره الآخرين؟) فلا يجدون جوابا،بل يتساءلون أيضا (هل نحن حقا خلقا متميزا وغيرنا بشر غير مكتمل ؟)
لاحظ حكيمهم ذلك فانتصب فيهم خطيبا :
’’ أيها اليهويون ، هاجموا غيركم وافترسوهم ، كما يفترس الأسد الحمار ، وكما الذئب يفترس النعجة ، وكما يفترس القط الفأر ، أتعلمون لماذا يملك هؤلاء قوة الافتراس ؟ لأنهم يشعرون بتميزهم وتفوقهم ، وأنهم خلق آخر غير الضعفاء الذين يُفتَرَسون ‘‘
لا يعلم الفلسطينيون كيف وجدوا أنفسهم في معمعان من المعارك لم يألفوها ، لا تأذن لهم ضمائرهم بقتل أعداء من البشر العبرانيين ، بل يذودون بأجسامهم العملاقة سفاهات العبرانيين ، كما يذودون أغنامهم عن الحياض ، إنهم فيض من الإزعاج ، يشتكون إلى الإله إيل هذا العناء المستديم، كما يشتكي اليهويون إلى يهوه ، سلاح الكره الذي ما عاد مجديا .
سمعهم الإله يهوه كما سمعهم الإله إيل ، فقال الإله يهوه للإله إيل : ما قولك في أن نجمعهم سويا ، ونؤلف بين قلوبهم ؟ فقال الإله إيل لا بأس ،فقال الإله يهوه : نجمعهم ونجعلهم يتكلمون لغة واحدة ، فذلك أجدى لتفاهمهم .
وهكذا اجتمعوا ،تلبية لأمر الآلهة ، وقفوا منصتين ، يصغون بكل حواسهم ، والإله إيل ، يفرغ ما في وجدانهم من لغات ، وينفث الإله يهوه في روعهم لغة واحدة مشتركة لكنه يضيف :
’’ لكن لا يفقهن أحدكم قول الآخر ‘‘
غضب الإله إيل إذ أحس بالخدعة ، أطرق قليلا ثم ابتسم ونادى .
- أيها الفلسطينيون ، أيها العبرانيون ، ها أنتم قد وجدتم حافزا آخر للحرب , فالحرب لا تنشأ إلا حين يُفتَقَدُ التفاهم .
المصدر: موقع ومنتديات المفتاح
Saadeh Odeh - ;lh rhg hgYgi Ydg hgkhl,s hgohls uav suh]m Hf, uvhra
لمشاهدة الموضوع الأصلي إضغط هنا